تذكر الكاتبة جينيفر رانكن أنّ مسؤولًا كبيرًا في وكالة الأونروا حذّر من أنّ إسرائيل تواصل خرق القانون الدولي عبر الإبقاء على قيود قاسية تمنع تدفّق المساعدات إلى غزة، حيث يواجه السكان نقصًا بالغًا في الغذاء والمواد الأساسية مع دخول الشتاء. خلال مقابلة في بروكسل، دعت ناتالي بوكلي، نائبة المفوض العام، الحكومات الأوروبية والأمريكية إلى ممارسة ضغط حقيقي على إسرائيل لضمان الوصول الكامل وغير المقيد للمساعدات.

 

تشير الكاتبة في مقالها الذي نشرته صحيفة الجارديان إلى أنّ بوكلي أوضحت أنّ الوكالة تملك مساعدات تكفي لملء نحو ستة آلاف شاحنة، تشمل الغذاء والخيام ومستلزمات الإغاثة، لكنها عالقة في الأردن ومصر بسبب القيود نفسها التي تواجهها بقية وكالات الأمم المتحدة. قدّرت بوكلي أنّ نصف الشاحنات المطلوبة يوميًا فقط يدخل القطاع، رغم أنّ الاحتياجات اليومية تصل إلى ما بين 500 و600 شاحنة لمواجهة المجاعة والتدهور الإنساني.

 

انتهاك قانوني واضح

 

تؤكد بوكلي أنّ إسرائيل، بصفتها قوة احتلال، تخالف التزاماتها وفق القانون الإنساني الدولي واتفاقية جنيف الرابعة، إضافة إلى الرأي الاستشاري الأخير الصادر عن محكمة العدل الدولية الذي ألزمها بضمان توفير الاحتياجات الأساسية للسكان في الأراضي المحتلة. يضيف التقرير أنّ المحكمة نوّهت أيضًا بضرورة تعاون إسرائيل مع الأونروا، وأنها لم تجد دليلًا يثبت ادعاءات الحكومة الإسرائيلية بأنّ موظفي الوكالة مرتبطون بحماس. ورغم أنّ تسعة موظفين فصلوا بسبب شبهات تتعلق بهجوم 7 أكتوبر، خلصت المحكمة إلى أنّ الادعاءات الأوسع غير مدعومة.

 

تشرح بوكلي أنّ إسرائيل قطعت علاقاتها الدبلوماسية مع الوكالة، ولا توحي أي مؤشرات بأنّها ستغيّر سياسة "عدم الاتصال". وتؤكد أنّ هذه العرقلة تزيد الضغط على جهاز إنساني يعاني أصلًا من فجوة تمويلية تبلغ نحو 200 مليون دولار حتى مارس المقبل

 

الأونروا.. مؤسسة مؤقتة أصبحت ضرورة حيوية

 

تعود بوكلي إلى جذور الأونروا التي أنشئت عام 1948 لرعاية 700 ألف فلسطيني هجّروا جرّاء حرب تأسيس إسرائيل. ورغم أنها صُممت كهيئة مؤقتة، تعتمد اليوم حياة 5.9 ملايين لاجئ فلسطيني على خدماتها في الصحة والتعليم والرعاية الاجتماعية في الأراضي المحتلة والدول المجاورة. تشير بوكلي إلى أنّ الوكالة أصبحت "لا بديل عنها"، وأنّ انهيارها سيقود إلى كارثة إنسانية.

 

تؤكد بوكلي أنّ استمرار وجود الوكالة يعكس فشلًا سياسيًا دوليًا في إنهاء الصراع. لكنها ترى بوادر ضوء سياسي لأول مرة منذ توقيع اتفاق أوسلو عام 1993، رغم تحفّظها على تفاصيل ما يسمّى "عملية السلام الجديدة". تعلّق قائلة إنّ غياب التفاصيل والمرجعيات يخلق فراغًا خطيرًا قد يحرف المسار بأكمله.

 

 جيل الأطفال.. بين الفقد والمستقبل المفقود

 

يتناول المقال جانبًا مظلمًا من الواقع الإنساني في غزة، حيث تواصل الأونروا تقديم ساعات قليلة من التعليم والدعم النفسي لنحو 40 ألف طفل عبر 280 مساحة تعليمية مؤقتة داخل الملاجئ. لكن القيود الإسرائيلية تمنع إدخال أدوات بسيطة مثل الأقلام والدفاتر، ما يعقّد أبسط العمليات التعليمية.

 

يصف التقرير معاناة الأطفال التي تشمل النزوح المتكرر، فقدان أفراد الأسرة، الجوع، والانفجارات المستمرة. وحتى سبتمبر الماضي، فقد 2,596 طفلًا والديهم معًا، بينما فقد أكثر من 53 ألفًا أحد الوالدين، بحسب بيانات وزارة الصحة في غزة التي نقلتها اليونيسف.

 

تحذّر بوكلي من أنّ هؤلاء الأطفال سيواجهون مستقبلًا بلا أفق إنساني أو تعليمي، وأنّ غياب أمل حقيقي قد يخلق ظروفًا تغذي ظهور مجموعات مسلحة جديدة. تضيف أنّ العالم يحتاج أن يقدّم شيئًا ملموسًا لهؤلاء الأطفال، لأن فقدان الأمل يخلّف فراغًا خطيرًا لا يمكن تجاهله.
 

https://www.theguardian.com/world/2025/nov/15/israel-breaching-international-law-by-limiting-gaza-aid-says-unrwa-official